الشمس تقترب من الرحيل .. ركب سيارته قاصدًا ورشة لصيانة السيارات .. أخرج سيجارة وأخذ ينفث الدخان وكأنه يتحدي حرارة الطقس .. أدار سيارته وانطلق في طريق سريع .. وكان يسير بسرعة متوسطة خوفًا من وجود مطبات جديدة علي الطريق ، حيث جري العرف بعد الثورة في مصر علي أن يقيم أي شخص مطب أمام بيته أو بلدته أو محله...
بدأت حرارة الطقس في التحسن .. أمسك جهاز التحكم عن بعد محاولا تشغيل جهاز التسجيل وفجأة لمح عصفورين يطيران أمام السيارة مباشرة ، وفي سرعة ضغط تدريجيا علي كابح السرعة وفي لمح البصر اختفي العصفوران .. فأدار نظره سريعًأ إلي المرآه .... فإذا به يلمح عصفورا ملقي علي الأسفلت .. اخذ ينظر إليه في المرآه إلي أن اختفي شيئًا فشيئا .. أوقف سيارته بجانب الطريق وأصابه شعور غريب وأخذ يتساءل ؛ هل حقًأ أنا الذي قتلت هذا العصفور .. ؟ولكن ماذا عساي أن أفعل ؟! لقد فوجئت بهما أمام السيارة مباشرة ..
وضع رأسه علي المقود و أغمض عينيه وسكت هنيهه .. ثم رفع رأسه فجأة ونظر الي الخلف .. وأمسك ناقل الحركة وأخذ يرجع بسيارته إلي الخلف حتي مكان العصفور .. أخذ يقترب حتي لمح جسما صغيرا علي الأرض .. يقترب .. يقترب أكثر .. يا لخيبة الأمل .. عصفور علي الأسفلت ، كان يأمل أثناء رجوعه إلي مكان العصفور ألا يجد شيئًا وأن يكون العصفور قد حالفه الحظ ونجا مع رفيقه ، أو أن يجده مصابًا أصابة صغيرة .. لكنه القدر .. نظر إلي العصفور في إشفاق ، وأرسل يده كي تحمله من وسط الأسفلت ، فإذا به عصفور صغير ، يبدو أنه كان في درس لتعلم الطيران مع أمه أو أبيه أو في نزهة أو أو .. يا لحظه العثر .. وبينما ينظر الي العصفور إذا بأصوات ترتفع شيئًأ فشيئًا نظر حوله فإذا بعشرات العصافير يحيطون بالعصفور القتيل .. أخذ ينظر إلي العصافير التي تزداد أعدادها ويتأمل أصواتها .. تلك الأصوات ليست كالتي اعتاد سماعها من العصافير .. إنها أصوات يسمعها لأول مرة .. شعر وكأن العصافير تلومه علي فعلته شعر بأنها تحمله المسئولية ... أعداد العصافير تتزايد .. أصواتها ترتفع ، هل تستطيع القبض عليّ ؟! هل سيقدمونني للمحاكمة ؟! هز رأسه متذكرًا أنها مجرد عصافير ! دنا من الأرض ووضع العصفور علي غصن شجرة وأطال النظر إليه متأسفًا .. ثم نظر إلي العصافير المتجمعة وكأنه يقدم لها اعتذارا عن شيء لم يكن يقصده....
ثم نظر إلي الشمس فوجدها تتواري وتلملم ضوءها .. نظر إلي الأسفلت وإلي السيارات السريعة في الاتجاهين .. ثم تساءل كم عصفورًا قتل اليوم ؟ كم إنسانًا ... ؟ ثم ركب سيارته وانطلق مرددا .. عجبًا لبني البشر .. ما أحمقهم !!!!
0 التعليقات:
إرسال تعليق